الجمعة، 30 مارس 2018

كلمة "عقبالك" و حديث آخر...


يقال-و العهدة على الراوي- أن كثير من الحساسيات تتحسن مع الوقت...إلا حساسيتي من كلمة (عقبالك) بعد كل عقد قران او خطوبة...تزداد سوءا للدرجة التي قد تتسبب بوفاتي بصدمة حساسية..حيث لا ينفع يومها حقن الأدرينالين او مضادات الهستامين.


كأغنية تعشش في رأسك بسبب (تأثير زيغارنك) و ترفض المبارحة، تظل هذه الكلمة يتردد صداها حتى حينما تظن أنهم سيتوقفون عن ترديدها....لن يفعلوا. 

يزجون بها و سيرة الزواج في كل شيء، حتى لتظنن أن أحدهم على فراش الموت تدعو له بطول العمر ليقاطعك بدعوة للزواج و أمنيات  برؤيتك (عروسة)، بل أن هؤلاء و لو قامت القيامة و في يد أحدهم فسيلة و رآك...دعى لك بالزواج او سألك عن سبب التأخر او أخبرك ب(عقبالك).


كأن مشاكل العالم جميعها- تلك المرتبطة بزيادة استخدام المخدرات و تجارة السلاح، الإحتباس الحراري، امكانية اندلاع حرب نووية، وصول كائنات فضائية بسبب زيادة الإشعاع الشمسي، و ثروات العالم الموزعة ظلما على نسبة ضئيلة من السكان كتوزيع غير متجانس للدهون في جسد شابة من آثر جانبي لحبوب (النجمة و هجمة الجيران و متين كدة؟)  و غيرها الكثير- جرم صغير...و في زواجنا انطوى العالم الأكبر.


المشكلة الكبرى أن (جنون الزواج والحديث عنه )، مع زيادة نسب الطلاق في مجتمعاتنا- تجاوز كبار السن ليصل إلى الصغار، فقبل يومين فاجأتني قريبة لي لم تقم لها قائمة بأنها تفاتحني بل و تعايرني في خطوبة صديقة لي بأن (جميع قريناتي تزوجن...و بقيت انا وحيدة!)...رحم الله طفولتي التي كان أكبر همي و مبلغ علمي فيها تقشير الليمون و اضافة الملح و الشطة له في كيس نايلون تحت شجرة مسكيت او بان في أفضل الأحوال.

أعطتني قريبتي الصغيرة هذه مبررا لتصرف شرير فيلم Despicable me في مشهدي المفضل..حين  يقوم بنفخ بالون لطفل صغير..و حين تكتمل فرحة الطفل يقوم بثقبه..ليقف الصغير مذهولا من قسوة التصرف..وددت حينها غيظا و صدمة أن اعايرها بمستواها الدراسي "الذي لا علم لي به"...إلا أن ميكانيزمات الكبح الآلي للشخص السيء الذي بداخلي عملت لترجعني سريعا لحالة اللامبالاة التي استمتع بها معظم ايام حياتي.


و عن موقع الحديث فقط يصر بعضهم -مذموما مدحورا- في عرفي الشخصي على التحول لمهمة (البيان بالعمل)، العمل الذي يعتبر في هذه الحالة فقط عبادة، إلى ارسال (عرسان) لي في مكان العمل بعد تقديم اقتراح بإسمي و تاريخي كاملا، لأرفع رأسي -من التخطيط على كرتونة علاج ما- لافاجأ بعريس الغفلة..يقف مبتسما ابتسامة تليق بجوكر متأبطا احلاما وردية، ليفاتحني بعبارة (انتي هناية؟)...حتى لأكاد على حين غرة أن أطبق فيه نظرية المرأة في فيلم Shutter Island حينما حذرت ديكابريو ب(Run/ اهرب)... 

المشكلة في فعل الخير هذا و الذي اكيل له عداوة و بغضا و يصيبني منه الكثير، هو نوعية العرسان المقترحين، الذين يشعرونني بأن إقتراحات فيسبوك للاصدقاء مبنية على وقائع أكثر من هؤلاء..فقد يكون المقياس الأساسي للأقتراح هو ثقل الجيب و تعدد هويات ساكنيه النقدية، كأن معظم من أعرفهم يرون على جبيني ما لا ارى و هو "البحث عن ثروة" او مكانة اجتماعية....بغض النظر عن شخصية رفيق الدرب المزعوم، و بعد الرفض عدة مرات و حين تتقطع بهؤلاء -من لا يرف لهم جفن و لا تغمض لهم عين بسبب إحتمالية عنوستنا-السبل، يخرجون بإستنتاج مفاده أن الرفض إنما هو دليل على أنني أكتنز عريسا من عيار 24 قيراط، و أن نومي هذا قريرة العين ملء جفوني عن شواردها، إنما هو نوع من بيات شتوي، سينتهي بي في قفص ذهبي...

و هؤلاء الذين لم يوفقوا في جر الصيد الثمين إلى مقابلة شخصية بي،  يمارسون أضعف الإيمان عندما يأتي الأمر لأبجديات توفيق رأسين بالحلال، فيقومون بإعطاء رقم الهاتف من دون إذن..و يحسبونه هينا و هو في أعيننا فعلا عظيما، بل قد تأخذهم الهاشمية في مناسبة ما، فيقومون بعد مرور وقت طويل من عدم الزحزحة من موقفنا "إيجابيا في خط مستقيم نحو الزواج" بمعايرتنا و تذكيرنا بما عفى عليه الزمن أو يلقموننا -تلميحا- بأن علان قد تزوج و له ابناء و زاده الله رزقا و فتح عليه ابواب رحمته و رزقه من حيث لا يحتسب..ذهبا و فضة و ماشية و علفا....الخ. 


يبقى الأمر الأهم- و بعيدا عن معاناة لن يوفيها كتاب حقها- أن نذكر أن دور الناصح هو دور قلما يجهد المجتمع الكريم اداءه، فكثيرا ما اتلقى نصائح تفوق سوءا كلمة "عقبالك"..فهناك مقترحات قيمة بوجوب ضرورة الإجتهاد الشخصي في محاولة الظهور بشكل "مشرق" حرفيا، فالبعض -لا شعوريا- يربط تأخر الزواج بدرجة لون البشرة!  
و أنا بدوري افند هذا الاتهام و اشجب و ادين...و اتجاهل كما تفعل الأمم المتحدة في نهاية الطريق! 

نهاية الأمر /كتابيا/ ..و في الواقع تستمر المعاناة:- 

أن كل شيء مقدر و مكتوب...فهلا تكرمتم علينا و ترفقتم بنا و توقفتم عن اسداء نصائح "قج الشرك" و كريمات التفتيح، و اقتراحات زيادة الوزن و رشاقة القول و الفعل؟! 


هموم العالم أكبر من مشكلتي الصغيرة...فدعوها..فإنها مأمورة. 

و أخيرا:- 
بلاش عقبالك دي! 
فالنقص هو شاهد الكلمة و الطموحات المقتصرة هو عنوانها...و كلمة "مبروك" في مناسبات الغير...أجمل و ارقى و ادعى للود بيننا..