الأربعاء، 23 يناير 2013

ذكريات أول يوم دراسي لي في اليمن !

تعودت أن احكي في هذه المدونة بعض من المواقف التي تحدث معي ...والتي لا تغادر مخيلتي مهما كانت قديمة ...

موقف اليوم الذي سأحكي عنه هو موقف منذ الصف السادس الإبتدائي أي عندما كنت في ال11 من العمر ...وكنا قد إنتقلنا من أول منزل سكنا فيه إلى منزل آخر بعد أن قام والدي بالبحث عن منزل بالقرب من مقر عمل  الوالدة ...وفعلاً تم لنا ذلك ...وقام والدي مشكوراً بالتسجيل لي في مدرسة لم تكن بعيدة وفي آن واحد لم تكن بذلك القرب من المنزل ولكنها كانت مدرسة نموذجية مشهورة جداً ب"مديرتها" ...وهي إمرأة لن أنساها ما حييت ..لمواقف أشتهرت بها -_-

حسناً ....وبما أني لا أعرف مكان المدرسة فقد قامت الوالدة بإخبار فتاة تدرس معنا في نفس المدرسة ...وفي نفس السنة ولكن في شعبة مختلفة ...بأن تأتي لإصطحابي في وقت الدوام...ثم ترجعني معها نهاية الدوام ..وهذا لليوم الاول فقط ..وكانت الفتاة تسكن في مكان قريب جداً من منزلنا ولكن لم أعرف مكان منزلها بالضبط ...

بالطبع كان العام الدراسي قد إبتدأ في تلك المدرسة المشهورة بمديرتها البعبع ...ولم أكن أعلم ما أن في صدد الخوض فيه ..ولم يكن لي علم بمدارس اليمن ...فهذه أول مدرسة سأدخلها منذ قدومي قبل حوالي "شهرين "  من السودان .

أخبرتني والدتي ب "أن "فاطمة " ستأتي لتصطحبك معها للمدرسة وسترجعك للمنزل ..وبعد أن تتعرفي على الطريق يمكنك الذهاب لوحدك"  ...جهزت عباءتي السوداء "لأنني لا أعلم الزي المدرسي " في اليمن ...وقررت أن أرتدي طرحة ذات لون برتقالي فاقع ...يسر الناظرين ...على الأقل أنا كنت مسرورة بإرتدائه في ذلك الوقت ...قبل أن أعلم أن هذا اللون يعمل على إجتذاب كائنات مستفزة ...

وقبل خروجي من المنزل ...لمحني والدي وأوقفني ...ونصحني ..بأن أرتدي إحدى الطرح البيضاء التي أشتروها لي ..ولكن بما أنني كنت عنيدة من الصغر فقد أصررت على رأيي وأن هذا اول يوم لي في الدوام ولن يسألني أحد وحتى لو سُألت كلمة "أول يوم دوام لي " ستكون الرد الذي سيسكت الكل ...حاول والدي ولكن ...كان إصراري واضحاً فتركني أذهب لحال سبيلي ..جاءت فاطمة وخرجنا سوياً وكانت هي ترتدي الزي الكامل وتربط حجابها وبشكل أنيق بينما أكتفيت أنا بتمشيط شعري بما يعرف في العامية السودانية ب" شتات " أو "بوب " ...وووضعت الطرحة بطريقة تغطي شعري ولكن بسبب التسريحة لم يكن مغطى بل إن الطرحة كانت معظم الوقت تقع على كتفي وأتركها هكذا !

وصلت إلى المدرسة ...وبعد دقائق كان الطابور لدوام المسائي قد بدأ .....كنت لبعض الوقت "الفتاة القادمة من المريخ" ...لم يكتفي أحد من الحملقة  ...ولم يكن الهمس ليتوقف ..بدأنا الطابور ...فارقتني تلك المسماة فاطمة وذهبت لتقف في طابور شعبتها ..ووقفت أنا مع أشخاص ..لا أعرف لهجتهم ولا أعرف عاداتهم ولا أعرف ماذا يفعلون في طوابيرهم ..

كنت أظن لبعض الوقت أن الأنظار ستتوقف بعد فترة قصيرة وأنني لا يمكن أن أكون حديث ذلك اليوم ..أكثر مما كنت ولكن ....
كنت مخطئة !!
 فأثناء الوقوف في الطابور ...وبعد لحظات قليلة من أخذ كل الطالبات مكانهن ...كنت أسمع صوت يتحدث في ميكرفون..وكان هذا الصوت لأحد الأساتذة "الغير فاضلين بتاتاً البتة " ....كان هذا الأستاذ هو الذي يتأكد من السير الصحيح للطابور ..من حيث الإذاعة والتمرينات الرياضية ....وأثناء ما كان الرجل صاحب اللهجة غير المفهومة يتحدث ....سمعت صوته يعلو..ويزداد علواً مرة تلو الأخرى ..وبما أنه كان في غرفة الإذاعة في الدور الثاني فقد كنت من أولي "الرقاب المرتاحة " فلم أقم برفع رأسي إلا في البداية عندما لم أكن اعلم مصدر الصوت !

وعلمت بعد دقائق بأن علو الصوت لم يكن إعتباطاً ...بل كنت أنا المقصودة به , ولم أكن منتبهة إلا حينما أخبرتني فتاة تقف في الطابور المجاور لطابوري ...بعدها لاحظت أن الجميع ينظر لي و  ....يضحك !!
كان الأستاذ يعلق على طرحتي البرتقالية @_____@ .....فالجميع يرتدي حجابات بيضاء ...إلا هذه الفتاة وغير هذا ..كنت لا أقوم بالتمارين الرياضية لأنني كنت مستجدة ولم أفعل هذه الحركات في حياتي ,,,وغير هذا كله فقد كان يتحدث معي فترة من الزمن ولم أكن منتبه له ....وعندما أخبرتني الفتاة "فاعلة الخير" بأن المقصود هو أنا ...نظرت للأعلى وبكل برود ...وقلت له في محاولة لإيصال صوتي له في الدور الثاني ..."جديدة ...أنا جديدة " ...مع العلم أنني لم أكن افهم من كلامه شيئاً إلا عندما أخبرتني الفتاة بأنه يقول بأنني يجب أن أرتدي حجاباً أبيض اللون ويجب أن أغطي شعري ..ويجب أن أرتدي الزي المدرسي ويجب أن أقوم بالحركات "الرياضية " على حد قول المترجمة ...المهم أكمل الأستاذ "الفاااضل " ...مسح بلاط أرض المدرسة بي ...ثم توجهنا نحو الفصل ..وأكملت ذلك اليوم وكلي أمل بأن تكون الخسائر لليوم هي " مسحة بلاط متقنة وعابرة " !!

نهاية ذلك اليوم خرجت وأنتظرت فاطمة التي من المفترض أن ترجعني للمنزل ولكن .....فاطمة كانت قد ذهبت إلى منزلها وتركتني وحدي أخوض غمار ذلك الطريق الذي لم أحفظه لأن فاطمة كانت سترجعني ..لتتحول فكرة العودة إلى المنزل لشيء أشبه ب "الطريق إلى كابول " ...خطير ...وعر ....وغير معروفة نهايته !!
قررت بعد لحظات تفكيرية ...أن اخرج من المدرسة كخطوة أولية  وهي الخطوة المعروفة علمياً وتاريخياً بخطوة "بيع الحمار" على حسب قصة ملك الدولة العامرية أو خليفة الاندلس محمد بن عامر....عفواً للدخول في مواضيع جانبية ....@_@
خرجت من المدرسة وقررت أن أبقى في أي مكان حولها و أن  أنتظر  فترة ...ولا أدري ماذا أنتظر ..ولكني كنت لا أدري إلى أين اتوجه !!
فجلست  على قارعة الطريق وأمسك دفتراً في يدي ...حينما لاح فجأة شخص أعرفه ......كان هذا الشخص هو ...حسناً لم تكن فاطمة ...بل كان والدي حفظه الله ورعاه ..وكنت في أتم الحيرة في السبب الذي دفعه بالمجيء إلى هنا  ....سلم علي وقال لي ... "كان لدي إحساس غريب أنك لم تعرفي طريق العودة للبيت ...فجئت للتأكد من أنك بخير" .....حفظ الله والدي ورعاه ...كنت في أشد السعادة ..ولا أستطيع وصف ذلك الشعور .......أما فاطمة ..والتي أعتقد أنني أرغب بتغيير إسم مسلسل فاطمة التركي من تحت رأس هذه المخلوقة ...فلا أتذكر أنني قابلتها تلك الفترة ...وربما قابلتها ولكن مخي مسح ذلك الوجه الموحي ب"الضياع" في أكثر معانيه تجلياً من عقلي !!

اهاا...وبعد أن عدت للمنزل ...سألني والدي "  أها سألوك عن الطرحة أو قالوا ليك غيريها او كدا ؟ " ...قلت له لاااااااااااااااا بالعكس خالص ...كلهم عارفيني جديدة ...بس قررت بكرة إن شاء الله البس الحجاب الأبيض ..لأنه شكلي وأنا مخالفة ما حلو ...وبعدين دا كان اول يوم دوام ...بكرة ما عندي عذر @__@

آخر شيء ....بالنسبة للأستاذ الغير فاضل "بتاع الاذاعة " ...فكرهي له ليس السبب فيه "مسح البلاط " بي في أول يوم دوام ...بل كان السبب أكبر من ذلك بكثير ...كانت مشاكل لا أول لها ولا آخر معه ...فيبدو أنه قد "إستحلى " تهزيئي  ...فتمادى في السنة الدراسية تلك بأكملها في السخرية الشديدة والقاء نكت ...لا تعكس بأي شكل من الأشكال أنه مدرس للإسلامية ولم تكن النكت عن شخصي بل كانت عن شعب بأكمله ....سيأتي تفصيل تلك الحقبة في زمن آخر ....
ع العموم ....اللون البرتقالي ورغم ما حدث لي من تحت رأسه ...إلا أنه أحد ثلاث ألوان مفضلة عندي ..ولكن لكي أكون صادقة ..طرحة باللون البرتقالي ....لا توجد في دولابي ..!!!
Yalla  Salam ...C ya soon , hopefully !!!


هناك 14 تعليقًا:

  1. ههههههههه والله ضحكتينى يا لولا ويديك العافية ...رجعتى بينا لحقبة كلنا بنتفادى نتذكرها ومواقف مرت بينا كلنا ..والباين انو استاذ الاسلامية والنوعية دى من الاساتذه الغير فاضلين متواجدين وبكترة ويااااااما شفنا منهم ..

    ردحذف
    الردود
    1. اوووه الله يسلمك يارب ...ودوم الضحكة :) ....هههههه الذكريات دي حلوة بالجد والله ..وايام م بترجع عشان كدااحسن الزول يتزكرها ..ويكتبها :)
      وبالنسبة لاستاذ الاسلامية ...فتقريبا ما كان متخصص المادة دي بس مسكوه المادة دي لانو م كان في استاذ اسلامية الفترة ديك !
      وربنا يهديهم غايتو ويهدينا كلنا :)
      وشكرا للمرور :)

      حذف
  2. حلووووه ممكن اضمن البتاعه ههههههههه موفقه

    ردحذف
    الردود
    1. هههههههههههه استغفر الله العظيم بس ..مش يعني لاني اديتك رشوة عشان تدخلي وتعلقي تبقي تفضحيني بالشكل دا !!
      هههههههههه يا زولة نوورتي كتير والله ...بالنسبة للبتاعة شكلو انذار كاذب خخخخ

      حذف
  3. اعجبني بشده التبرير لما غيرتي للحجاب الابيض اقلك تنفعي مندوبه تقوليلي مدري ايه - ومدرسين الاسلاميه من جد نفس التشكيله في كل مكان وزمان- زكرتيني بايام المدارس اخيييي مالت عليهم

    ردحذف
    الردود
    1. هههههههههههههه يا صفاء مكانك انتي مصرة اني ابقى مندوبة لولز ...ههههههههه ولهذه الدرجة كنتي تكرهيهم ؟انا ع عكسك تماما كنت بحبهم جدا ..كلهم كانوا ظريفين ما عدا ...الشخص السابق ذكره :)

      حذف
  4. من جد ذكرتينا لأيام زمان و المواقف الطريفة الى حصلت معنا

    ردحذف
    الردود
    1. تسلمي صفااااء على المرور ..نورتي كتير :)

      حذف
  5. والله ياصديقتي كنتي في عمر صغير جدا لتكوني بتلك الصلابة وأعني ما أقول ....

    ردحذف
    الردود
    1. تسلمي سلومتي ..يديكي العافية ...هههه زولتك كانت جاية فريش شديد من السودان ..عشان كداهههه

      حذف
  6. هههههههههههههه لولا احلا حاجه ايش انك تعلمتي درس من وراء عنادك صح ؟هههههههههههههههههههه

    ردحذف
    الردود
    1. هههههههههههههه شوفوا الناس البتشوف للجزء المليان من الكوباية ..لووول ....الصراحة لسة مستمرة في عنادي ههههههههه

      حذف
  7. هههههههههههههههههه أعجبني السرد... يا لولا ربنا يحفظ آباءنا بالجد بيحسوا بينا ... زمان لما كنّا صغار بنمشي لناس حبوبه نبيت معاهم ... كنت بكون فرحانة لكن لما يجي الليل بستوحش وبشتاق لبقية أخواتي ... يوم مشيت أبيت مع حبوبة وجا الليل وإستوحشت وإشتقت لأخواتي ولأبوي وأمي .. نمت بشجوني بعد شوية صحيت على قبلة على خدي .. صحيت لقيتوا أبوي جاء يسوقني يرجعني البيت :) فرحتي كانت كبيرة .. ومرة جاء ساقني ولما ركبت في العربية قال لي الليلة عيد ميلادك... يالله .. ربنا يحفظ لينا آباءنا وأمهاتنا ياااااااارب

    ردحذف
    الردود
    1. يا الله ...من جد ربنا يحفظهم يااارب ..ويديهم العافية ..بالجد بيحسوا بينا والله ..تسلمي لي سوسو كتير ...

      حذف